الثلاثاء، 14 أغسطس 2012

17 - مقاربة موجية لتاريخ المؤشر العام (TASI) و مستقبله


 بسم الله الرحمن الرحيم


ملاحظة : قد تم نشر هذا الموضوع في منتدى مؤشرات للأسهم على الرابط التالي :
 

مقدمة

يقول روبرت بركتر "إن مهمة المحلل الموجي تتطلب غالباً التدرج وبعض الخطوات للخلف وأخذ نظرة على الصورة الكبيرة وإستخدام الأدلة من النماذج التاريخية لإصدار الحكم ببداية تغييرات رئيسية كبيرة في الإتجاه القائم . الموجات الدورية والدورية العليا تتحرك في نطاقات سعرية واسعة وفي الحقيقة هي أكثر تركيبات موجية مهمة لأخذها بعين الإعتبار" . لذلك سنجعل هذه الموجات هي محور النقاش في هذا الموضوع ، ولكن موجات بهذا الحجم لن نستطيع تحليلها بدون توفر بيانات تاريخية كافية .

فالبيانات التاريخية مهمة جداً للمحلل الفني ، وتكتسب أهمية خاصة للمهتمين بالموجات ، فالنظرية الموجية أثبتت أنها أقدر من غيرها على فهم سلوك السوق والتنبؤ بمستقبله ، خصوصاً إذا كان محور النقاش هو المدى الطويل . ولكن تظل لعبة الإحتمالات مرهقة جداً للمهتمين بالتحليل بكافة أنواعه ، لذلك نشاهد الإختلافات الجوهرية في ترقيم المؤشر على الفواصل الصغيرة ، وليس غريباً أن تتعدد السيناريوهات خلال تطور الموجات ، ولكن الغريب فعلاً أن يستمر الخلاف في هذه الترقيمات حتى بعد إنتهاء الموجات بسنوات وتصبح خلفنا كجزء من الماضي . "فالقواعد محددة جداً بحيث تُبقي عدد البدائل الصالحة عند الحد الأدنى . ومن بين هذه البدائل الصالحة ، المحلل بشكل عام يجب أن يُفضِّل التفسير الذي يتوافق مع العدد الأكبر من الخطوط الإرشادية" .

أحد أهم الأمور الجوهرية التي تساعد على التعامل مع  لعبة الإحتمالات الخطرة وحصرها في قالب مقبول ، للتقليل من سلبياتها وتطويعها بشكل مناسب للإستفادة من إيجابياتها ، هو ضبط إيقاع الدرجات الكبرى وبناء التحليل على ما سبقه من تاريخ موثَّق ، ثم الإنتقال لمرحلة التنبؤ بالمستقبل . فتاريخ سلوك المؤشر يحمل دلالات حيوية و مهمة جداً ، لم تجد الإهتمام الكافي بها (وربما عدم إدراك لمدى أهميتها) ، كنتيجة طبيعية لشح البيانات التاريخية و صعوبة الحصول عليها . هذه المعاناة مع بيانات المؤشر وبقية القطاعات تفاقمت بشكل خاص بعد عملية إعادة الهيكلة التي تمت خلال العام 2008م ، حيث لم نرى من يومها بيانات التاسي وبدأ العمل بالمؤشر الحر مع القطاعات الجديدة بدون بيانات تاريخية معتبرة ، لأهداف غير مفهومة بالنسبة لي على الأقل ، فربما يكون الهدف هو طمس أكبر قدر ممكن من هذه البيانات ، أو إحتكارها لفئة محدودة تستفيد منها ، بعيداً عن أعين صغار المتعاملين الذين يزداد شغفهم يوماً بعد آخر لفهم ماذا يحدث في السوق !

فمنذ أن بدأ إنهيار السوق المالية في نهاية فبراير 2006 ، بدا واضحاً للمتعاملين أنهم يواجهون سلوكاً مختلفاً لم يتعودوه ولا يجيدون التعامل معه ، فكانت الخسارة هي نصيب الشريحة العظمى من المتداولين الذين تجاهلوا السلوك الجديد لمؤشر السوق و تعاملوا مع الهبوط على أساس أنه هبوط مؤقت سينتهي سريعاً ويعاود الصعود في مقارنة بدائية مع التصحيحات الفرعية التي حدثت في السوق خلال السنوات القليلة السابقة للإنهيار ، ولكن هذا لم يحدث ، فما هو السبب ؟ ( نترك الإجابة لنهاية الموضوع) .


 
تاريخ المؤشر

من هنا وحتى نهاية الموضوع سوف أستخدم نهج المنطق الإستنتاجي ، وليس مع القواعد فقط ، بل مع الإرشادات أيضاً ، بحيث نزيل الإحتمالات التي تتعارض مع القواعد والخطوط الإرشادية ، و يُفترض أن يكون المتبقي هو المسار الأكثر ترجيحاً للمؤشر مهما كان هذا الإحتمال .

البيانات المتاحة للجمهور كانت تبدأ من عام 94 فقط ، كما هو واضح في الشكل (1-1) .

 
 الشكل (1-1)      

ولكن بعد بداية الإنهيار بشهور وفي توقيت غريب ، أفرج صانع السوق عن بيانات المؤشر منذ عام 1985م ، ولكن هذه البيانت للأسف أضافت مزيداً من الحيرة لأنها كانت بيانات إغلاق فقط ، وتبدو بيانات غير موثَّقة خصوصاً أنها لم تصدر من جهة مختصة مثل هيئة السوق المالية ، فأصبحت كامل البيانات المتاحة لنا حاليا كما هي واضحة في الشكل (1-2) . 

 الشكل (1-2)                         

ويتضح بها بكل وضوح تأثير الإضافة التي بدأت من عام 1985م  وتم وصلها بالبيانات التاريخية التي كانت تبدأ من عام 1994م  على النظرة العامة للحركة التاريخية للمؤشر. و بغض النظر عن مدى دقة هذه البيانات ، فليس أمامنا غير طريقين ، الأول : هو تجاهلها وإفتراض عدم صحتها ، وبذلك سيكون الموضوع أسهل بكثير ، وحينها يمكن التعامل مع قاع عام 1995م على أساس أنه يمثل بداية التاريخ (على طريقة فوكوياما في نهاية التاريخ المزعومة) ، وبهذا يمكن ترقيم المؤشر كما هو موضح في الشكل (1-3) ، وستكون موجة الإنهيار تمثل موجة ثانية بكل وضوح . 

 الشكل (1-3)                           

 
الطريق الثاني : هو إفتراض صحة هذه البيانات ودقتها (وهو ما أميل له) ، وبالتالي ستصبح جزء مهم من تاريخ السوق لا يمكن إغفاله ، ويجب وضعه بالإعتبار خلال الترقيم . فلا مفر من تقييم موجات المدى الطويل ، ليس من باب الترف المعرفي ، بل لأن التطورات التي حدثت في الماضي تقدم لنا خدمة جليلة لتحديد ومعرفة المستقبل .

الحقيقة إن صانع السوق رمى عصفورين بحجر واحد من خلال توقيت ظهور هذه البيانات بحسب تصوري القاصر ، الأول هو القمة التي حققها السوق قرب مستوى 21000 ، والتي كان يمكن لأي مبتدئ في التحليل أن يتوقعها بسهولة من خلال رسم خط الترند الصاعد من قيعان المؤشر وسحب خط موازي من قمة عام 1992م ، والتي لم نعرف شيئاً عنها إلا بعد الإنهيار ، كما هو موضح في الشكل (1-4) .

 الشكل (1-4)                       

لذلك لم تظهر هذه البيانات قبل إنهيار السوق . الثاني هو تشتيت أذهان المتعاملين عن تفاصيل الموجة الدافعة التي يصححها السوق من خلال موجة الإنهيار ، وهي الموجة الدافعة التي بدأت من قاع 1995م وكانت بياناتها متاحة للجميع ، وهي موضحة على نفس الشارت السابق . فبعدما كانت الموجة الدافعة واضحة للغاية في الشارت الأول ، ستجد نفسك حين تفحص بيانات السوق التاريخية لأول وهلة بعد الإضافة ، سوف تتصور أن قمة ابريل 1992م تمثل نهاية موجة أولى بدأت من قاع 1986م . ولكي لا ندخل في متاهة الإحتمالات مبكراً ، سوف أتجاهل مؤقتاً هذه البيانات المضافة ، وأكتفي بتحليل البيانات التاريخية الموضحة في الشارت الأول (94 2006) ، لكي نعرف بوضوح هل يوجد شيء مهم فعلاً



حجر الأساس

         الآن أنظر لهذه الموجة في الشكل (1-5) ، ولاحظ الترقيم الموجي مع علاقات فيبوناتشي الزمنية والسعرية بين جميع مكوناتها .
 
      الشكل (1- 5)    
 
عند فحص هذه الموجة لن نجد موجة تقترب من المثالية فقط ، بل هي موجة نموذجية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى . حيث نلاحظ فيها التالي :

  1.  الموجتين الغير ممتدة ( الأولى والثالثة ) تشابهت في الطول والزمن .
  2.  بشكل مثالي ، إرتبطت الموجة الخامسة (الممتدة) سعرياً بطول (1-3) ، بمعنى أن الموجة الخامسة إنتهت عند مستوى يكافئ 2,618 بالمقارنة مع المسافة (من بداية الأولى حتى نهاية الثالثة) .
  3. الهبوط الذي حدث في الموجة الثانية يصنف كتصحيح حاد إنتهى في حدود الموجة الثانية من الدرجة الأقل ، بينما كان تصحيح الموجة الرابعة هبوطاً ضحلاً يصنف كتصحيح جانبي إنتهى في حدود الموجة الرابعة من الدرجة الأقل ، وهذا سلوك نموذجي جداً في الثانية والرابعة .
  4. الموجة الثانية إرتبطت زمنياً بشكل مثالي جداً مع الموجة الأولى ، وتكرر هذا السلوك مرة أخرى بين الموجة الرابعة والثالثة ، وهو أمر طبيعي إذا علمنا أن الثانية تصحح الأولى ، والرابعة تصحح الثالثة .
  5. خلال تطورها ، حققت الموجة الرابعة قمة جديدة في المؤشر ، بينما لم يحدث هذا في الموجة الثانية ، وهذا أحد أوجه التبادل بين الثانية والرابعة .
  6. كامل النطاق السعري الذي تحركت فيه الموجة الرابعة إرتبط بشكل نموذجي بواسطة فيبوناتشي مع مثيله الذي حدث في الموجة الثانية المناظرة لها .
  7. نوع التصحيح في الثانية كان متعرج ، بينما ظهر المثلث في موقع الموجة الرابعة ليحقق وجهاً آخر للتبادل بين الموجتين .
  8. بداية الموجة الرابعة قسمت كامل الموجة إلى النسبة الذهبية زمنياً ، و أقصى سعر فيها قسم (بشكل تقريبي) كامل الموجة إلى النسبة الذهبية سعرياً .
  9. إمتداد الموجة الخامسة إلى النسبة 1,618 بالمقارنة مع طول (1-3) أمر طبيعي جداً ، بل أن النسبة 2,618 تكون مرجحة في الدرجات العالية (كما قرر ذلك نيللي) ، وهو ما حدث بشكل مثالي جداً خلال هذه الموجة .
  10. إختراق القناة السعرية الطبيعية التي تسير داخلها الموجة والإستمرار فوقها لفترة زمنية طويلة نسبياً (بدلاً من الرمية الزائدة) هو أيضاً امر طبيعي جداً بل مثالي في هذه الحالة ، لأن الإمتداد حدث في الموجة الخامسة ، التي لم تكتفي بالتساوي مع المسافة (1-3) ، ولا بالنسبة 1,618 ، بل تجاوزتها إلى النسبة 2,618 ، للتوضيح أنظر إلى الشكل (1-4)  .
  11. في سلوك نموذجي ، تم المحافظة بشكل مثالي على خط الترند (2 4) بدون أي كسر حتى نهاية الموجة ، ثم تفاعلت موجة الإنهيار مع هذا الخط ، بكسره أولاً كتأكيد على نهاية كامل الموجة ، ثم إعادة إختباره بعد كسره ، وهذه أدلة وحجج إضافية على فاعلية هذا الترند من جهة ، و على صحة الترقيم الداخلي لكامل الموجة من جهة أخرى ، للتوضيح شاهد الشكل (1-4) مرة أخرى .
  12. عند قياس تراجعات فيبوناتشي من قمة الموجة إلى قاعها ، سنرى كيف تفاعلت موجة الإنهيار بشكل لافت للنظر مع هذه النسب ، وهذا دليل إضافي وحجة فنية على وحدة هذه الموجة من جهة ، و على إرتباط الموجتين ببعضهما من جهة أخرى ، بمعنى أن موجة الإنهيار هي موجة تصحيحية (رد فعل)  للموجة الإتجاهية الفاعلة التي نتحدث عنها ، للتوضيح أنظر إلى الشكل (1-6) .
 
الشكل (1-6)
 
 
من جميع هذه النقاط نستطيع أن نقرر بأن هذه السلسلة الموجية تطورت بكفاءة عالية جداً وهي تتحدث عن نفسها بكل قوة  ولا أتصور أن يكون عليها أي خلاف جوهري بين المحللين ، فهي وحدة واحدة لا تقبل القسمة ، ويمكن إعتبارها حجر أساس يمكن الإنطلاق منه لفهم بقية أجزاء المؤشر التاريخية والمستقبلية .

         ولكن حتى بعد الإتفاق على التفاصيل الموجية ( I ، II ، III ، IV ، V ) ، سيظل السؤال عن الموجة المكتملة من الدرجة الأكبر هل هي (I) أم (III) أم (V)  ، خصوصاً عندما نستحضر كامل البيانات من عام 1985م .


 
التاريخ مفتاح المستقبل

عند معاينة الشارت لأول وهلة سيغريك مباشرة لوضع علامات الترقيم كما هي موضحة في الشكل (1-7) .

 الشكل (1-7)               

 
التصور المبدئي عن كامل الموجة بهذه الصورة يبدو مثالياً خصوصاً أن الثالثة هي الممتدة ، وهو ترقيم مقبول و لا يخالف قوانين الموجات أبداً ، ولكنه يتجاهل الخط الإرشادي للتناوب ، حيث ستصبح الموجتان الثانية والرابعة تصنفان كتصحيح حاد ، وكلا الموجتين إستغرقت ثلاث سنوات  لتكتمل ، وكلاهما من نفس النوع (متعرجات أو من عائلة المتعرجات) ، و كلا الموجتين إنتهت قبل الوصول إلى 61,8 %  و تجاوزوا 50 % فيبوناتشي ، وكلاهما لم يحققا قمة جديدة في المؤشر خلال تطورهما ، والأثنين سُبِقوا بموجة خامسة ممتدة ! ولن يكون هناك تناوب بين الموجتين إلا بكون أحدهما قطعت عدداً أكبر من النقاط .

لذلك ، أعتقد أن هذه نقطة مهمة تضعف من إحتمالية صحة هذا الترقيم . لاحظ أن التشابه بين الثانية والرابعة في عامل واحد أو أثنين أمر وارد ولا بأس به ، ولكن هذا يحدث عادة مع وجود التناوب من خلال عوامل أخرى . التشابه في كل هذه الوجوه يدعونا على الأقل لإعادة النظر في هذا الترقيم . هذا بجانب أن الموجة الرابعة بهذا الترقيم ستكون مظلومة كثيراً من المنظور الزمني إذا تمت مقارنتها بزمن الموجة الثالثة ، والمفترض أنها تصححها خصوصاً ونحن نعلم أن التصحيح الجانبي سعرياً والممتد زمنياً يكون مرجحاً بشكل خاص في موقع الموجة الرابعة . و ليس هناك علاقة سعرية واضحة بين الموجتين  (I) و (III) أو بين (II) و (IV) المناظرة لها ، لذلك لا أرجح أن تكون هذه الموجات من نفس الدرجة ، وأستبعد أن تكون تنتمي لسلسلة موجية واحدة . 

لنترك الحديث عن المستقبل جانباً الآن ، لكي نحسم ترقيم التفاصيل التاريخية للمؤشر . الخط الإرشادي للإمتداد يمكن أن يساعدنا كثيراً هنا . فالوضع الشائع ضمن حدود الموجة الثالثة ، هو أن تمتد الموجة الفرعية الثالثة أيضاً . بينما داخل إطار الموجات الأولى والخامسة ، تمتد الموجة الفرعية الخامسة ، إلا في الحالة التي تتطور فيها الموجة على شكل مثلث قطري ، فهنا يكون الإمتداد مرجحاً في الموجة الفرعية الأولى . ولكن حين نشاهد التفاصيل الموجية داخل الموجة (III) (بحسب الترقيم الموجود في الشكل (1-7) ، سنجد أن الخامسة V هي الموجة الممتدة بخلاف الوضع الشائع ! وهذه نقطة جوهرية أخرى تحتم علينا إعادة النظر في هذا الترقيم .

بعد إستحضار كامل البيانات من عام 1985م ومن خلال الملاحظات السابقة يمكن وبكل وضوح أن نقرر التالي :

  1. الموجة (حجر الأساس) لا يمكن بالطبع أن تكون موجة خامسة (V) ، ببساطة شديدة لأنها غير مسبوقة بتركيب موجي مكتمل لتفاصيل الموجات (I) و (II) و (III) و (IV) .
  2. بالرغم من الزخم العالي الذي صاحب تطور هذه الموجة إلا أن إمتداد الموجة V يقف حائلاً دون ترقيمها كموجة ثالثة (III) .
  3. إمتداد الموجة V يحصر خيارات الموجة الأم بين (I) و (V) ، وبما أننا إستبعدنا (V) من خلال النقطة الأولى  فلم يتبقى غير التسليم بأنها موجة أولى (I) .
  4. يمكن ترقيم قمة العام 1992م  كموجة أولى ، ولكن بدرجة موجية أعلى ، وبهذا نستطيع أن نقفز فوق حاجز التشابه بين الموجات التصحيحية ، وبالتالي لن يكون هناك تعارض مع الخط الإرشادي للتناوب .
  5. بهذا الترقيم لن يكون هناك مشكلة مع الزخم العالي جداً الذي صاحب تطور الموجة (I) ، لأنها بهذا الترقيم ستكون جزءً من موجة ثالثة من الدرجة الأعلى .
 
في الحقيقة لقد تم حل جميع المشاكل بمفتاح (الدرجة الموجية) وبمساعدة الخطوط الإرشادية ، أنظر الشكل (1-8) للتوضيح .
 

الشكل (1-8)                    

ولاحظ أنه فقط بترقيم الموجة (حجر الأساس) على أساس أنها موجة أولى من ثالثة ، تستطيع أن تفهم لماذا كان إنهيار فبراير 2006 حاداً ، ولماذا لم يحدث التناوب بينه وبين التصحيح الذي بدأ من قمة 92 ، ولماذا إمتدت الموجة V ضمن الموجة (حجر الأساس) و ليست III ، ولماذا لا توجد علاقة سعرية واضحة بين الموجتين (I) و (III) أو بين (II) و (IV) ، ( بحسب الترقيم الموجود في الشكل (1-7) ) .

ولكن يتبقى هنا مشكلة واحدة وهي شذوذ التطورات التي حدثت في الموجة الأولى والثانية من المنظور (الزمني والسعري) معاً ، إذا بقيت بهذا الشكل ، بالمقارنة مع التطورات المتوقعة في الموجة الثالثة ، وليس في هذا مخالفة للقوانين والإرشادات ، فلا يوجد إرتباط عضوي بين الحجم والدرجة ، ولكن يظل المظهر النهائي للموجة أمراً مهماً يجب وضعه في الإعتبار .

وهنا سوف أعود مرة أخرى للشكل (1-1) ، فعندما كانت البيانات المتاحة تبدأ من العام 1994م ، كنا نشاهد في بداية الشارت هبوط تجاه القاع ولم نكن نشاهد قمة 1992م ، وعندما ظهرت البيانات التي تبدأ من العام 1985م ، شاهدنا القمة وموجة الصعود التي سبقتها . بنفس الطريقة يمكن أن نشاهد الشارت المتاح لنا حاليا في الشكل (1-2) ، ونلاحظ أيضاً أن الشارت يبدأ بهبوط ولا نشاهد القمة وما يسبقها حالياً ، ولكن يمكن أن نضع سيناريو تخيلي لا أتصور أنه سيبتعد عن الحقيقة كثيراً لحركة المؤشر قبل تاريخ 1985م . هذا الإفتراض يتوافق تماماً مع التطورات التي حدثت في أسعار النفط خلال نفس الحقبة الزمنية ، ومن المعلوم أن حركة المؤشر ترتبط مع حركة النفط مع وجود هامش زمني يفصل بين الحركتين . أنظر للشكل (1-9) للتوضيح .
 

الشكل (1-9) 

وهكذا ، نكون  قد قدمنا حل منطقي لمشكلة الشذوذ الشكلي للموجة الأولى والثانية والمظهر العام لكامل الموجة .وبهذا أتصور أننا وصلنا لترقيم موجي لتاريخ المؤشر ، مقبول إلى حد بعيد و يتوافق مع القواعد والإرشادات بطريقة مرضية جداً .
 


المستقبل

الآن يمكن لنا العود إلى موجة الإنهيار والتعامل معها من منظور جديد وفقاً لما قررناه سابقاً . فمستقبل المؤشر من المنظور الموجي مرهون بالترقيم الصحيح لتاريخه ،  "ويمكننا أن نستخدم أداء السوق وسلوكه لتأكيد الترقيم الموجي ، تماماً مثلما تستخدم الترقيم الموجي للتنبؤ بسلوك السوق ، حيث إن الحركات اللاحقة سوف توضح حالة الموجات السابقة من خلال الكشف عن مواقعهم في النموذج الأعلى بدرجة واحدة" . لو تم ترجمة هذه الجملة على المؤشر ، لإستطعنا بسهولة أن نعرف أن الموجة التي بدأت من عام 1995م كانت فعلاً موجة أولى من خلال حدة هبوط موجة الإنهيار الذي تبعها . ومع الترقيم التاريخي الذي قررناه سابقاً ، أتوقع أن ترقيم موجة الإنهيار كموجة رابعة كما هي موضحة في الشكل (1-7) لم يعد مستساغاً .

بغض النظر عن درجة الموجة ، وعن بداية الترقيم من البداية التي قررناها في الشكل (1-9) ، أو الإكتفاء بالبيانات الموجودة في الشكل (1-1) ، إلا أن الحقيقة المهمة التي يجب تقريرها هنا من جميع ما سبق هي أن موجة الإنهيار ماهي إلا موجة ثانية  تمثل رد فعل يصحح الموجة الإتجاهية الفاعلة الأولى التي بدأت من قاع 1995م و أنتهت عند قمة فبراير 2006م . وعند هذه النقطة أتوقف قليلاً للإجابة على السؤال الذي تركناه معلقاً في بداية الموضوع ، فإنتظار المتعاملين لعودة السوق سريعاً بعد بداية الإنهيار (من الناحية الفنية) يعود في الحقيقة لعدم تصورهم بأن الإنعكاس الذي حدث سيكون بهذه الدرجة الموجية (سعرياً وزمنياً) ، الناتج بالأساس عن عدم معرفة الموجة الإتجاهية الفاعلة التي نصححها وتحديدها بوضوح ، وبالتالي لم يضعوا تقديرات معقولة للحدود المتوقعة لنهاية التصحيح ، سعرياً و زمنياً .

أعتقد أننا بالإتفاق على الجانب التاريخي للمؤشر نستطيع وبكل وضوح الآن أن نوازن بين هذه التقديرات بطريقة تجعل من عملية الولوج إلى السؤال الجوهري الأهم أكثر سهولة ، وهو : هل إنتهت الموجة الثانية التي تجسدت في إنهيار فبراير 2006 ؟

الخطوط الإرشادية تقول بأن الموجة الثانية تكون حادة غالباً ، ويتم المبالغة في الهبوط خلالها إلى مستوى الموجة الرابعة من الدرجة الأقل ، وقد تتجاوزها إلى حدود الموجة الثانية ، ومن الطبيعي جداً أن تتراجع هذه الموجة إلى مستويات 50 %  أو 61,8 % فيبوناتشي ، ومن الطبيعي أن ترتبط زمنياً وسعرياً بالموجة الفاعلة (I) التي تصححها .

وبالرغم من أن المتعرجة (أو المتعرجة المزدوجة بالترقيم البديل) التي إنتهت عند قاع 4068 لم تصل إلى مستوى 61,8 % فيبوناتشي ، إلا أنها وبشكل قاطع تصنف كتصحيح حاد قطع مسافة 17000 نقطة تقريباً من قمة فبراير وتجاوز مستوى 50 % فيبو بقليل ، سواءً إنتهى التصحيح عند هذا القاع أم لا . ولكن من جهة أخرى فالموجة c  إنتهت تقريباً عند خط القناة السفلي التي تطورت بداخله المتعرجة ، وهذه إشارة مبكرة جداً على أن التصحيح سوف يتطور و لن ينتهي هنا . هذا بجانب أن المتعرجة لم تصل إلى حدود الموجة الرابعة من الدرجة الأقل ! ولم يتبقى غير العامل الزمني لكي يفصل هنا ، وسوف ننظر إليه من ثلاث جوانب .

الأول : إذا قارنا بين زمن الموجة الثانية والأولى ، سنجد أن زمن الثانية يوازي 23,6 % من الأولى تقريباً وهو مستوى زمني غير شائع في الموجة الثانية خصوصاً أنها لم تبالغ في الهبوط سعرياً حيث أنها لم تصل حتى إلى النسبة الذهبية .

الثاني : الخط الإرشادي للتساوي بين الموجات يخبرنا بأن الموجتين الغير ممتدة في السلسلة الموجية تميل للتساوي في الطول والزمن ، وغالباً تستغرق الموجة الممتدة وقتاً أطول عند مقارنتها بإحدى الموجتين الغير ممتدة ، وإذا دمجنا هذا الخط الإرشادي مع القاعدة الزمنية لنيللي الذي قرر بأنه لا يمكن أن تتشابه ثلاث موجات متجاورة من نفس الدرجة زمنياً ، فحين نطبق هذا القانون على الموجات (I) ، (II) ، (III) ، يمكن أن نتصور بأن الموجة (III) التي سوف تنشأ من رحم الإنهيار سوف تكون هي الموجة الممتدة بحكم كونها موجة ثالثة من ثالثة من درجة عالية ، وبالتالي قد تكون الموجتان (I) و (II) متشابهتين في الزمن ، ومن هذا المنظور سيكون من المبكر جداً الحكم بإنتهاء الموجة (II) .

الثالث : الزمن الذي تحققت فيه القمة الأخيرة 7944 يجعل كامل الموجة الناشئة بعد قاع 4068 تتكافئ زمنياً مع موجة الإنهيار مما يوحي بأنهما موجتين من نفس الدرجة ! بمعنى أنهما  w و x . وإذا صح هذا الإفتراض ، سيتبقى لنا موجة هابطة y تمثل الضلع الأخير من موجة الإنهيار (II) .

ما يفصل بشكل قاطع في صحة هذا الترقيم هي التطورات الموجية الناشئة بعد نهاية المتعرجة التي حققت قاع 4068 وهي من سيفرض نفسه على الواقع في النهاية كموجة ربط x ، أو موجة دافعة ! 

الآن يمكن أن ننظر للشكلين (1-10) و (1-11) ، التي توضح تفاصيل الترقيم الموجي من القاع (4068) وحتى القمة الأخيرة (7944) .
 

الشكل (1-10) 


الشكل (1-11)   

بناءً على هذه الرسوم البيانية نستطيع أن نقرر بأن الموجة الناشئة بعد الإنهيار هي موجة ثلاثية التركيب (حتى الآن على الأقل) ولذلك تم ترقيمها كموجة ربط x . ويتضح من الشارت أهمية كسر القناة  التي كانت تسير فيها الموجة x والذي سيكتسب دلالة مهمة جداً في إتجاه القطع بإنتهاء موجة الربط ، وإشارة فنية أخرى بأننا بدأنا فعلاً في تفاصيل الموجة y .

بالإضافة إلى ذلك فإن الهبوط الأخير من القمة 7944  بموجة خماسية واضحة يدعم هذه الفرضية ويعززها كثيراً ، كما هو موضح في الشكل (1-12) .


 الشكل (1-12)  


لهذا فأني أتصور بأن الموجة (II) لم تنتهي بعد ، ويتبقى فيها ضلع أخير هو الموجة y ، لتكون كامل الموجة على شكل تصحيح مركب . وبالطبع فإن أي نموذج بتركيب ثلاثي سيكون مقبولاً في موقع الموجة y ولكني  أرجح أن يكون مثلث  ( مع ملاحظة أن التطورات الطارئة على المؤثرات الخارجية والداخلية هي من سيفرض نموذج الموجة في النهاية ) ليكون الشكل النهائي للتطورات الموجية في السوق كما هي موضحة في الشكل (1-13) .


 الشكل (1-13)   


 
ولتبسيط الموضوع ، يمكن لغير المهتمين بالنظرية الموجية أن يستعينوا بالشكل (1-14) الذي يوضح موقع السوق الحالي من خلال الرسم التخيُلي ، مع التطورات المتوقعة خلال الفترة القادمة بحسب وجهة نظري القاصرة .


 الشكل (1-14)    


والسبب في ترجيح المثلث دون غيره يكمن في النقاط التالية :

  1. لأن نسبة 61,8 % فيبوناتشي بالمقارنة مع الموجة w تكون مرجحة بشكل خاص مع وجود المثلث في موقع الموجة y ، مما سيجعل الحدود الدنيا (القاع الشكلي) لكامل الموجة (II) تنتهي بشكل نموذجي ضمن حدود الموجة IV .
  2. جميع الأسهم ذات الوزن الثقيل المؤثرة في المؤشر يمكن أن تحقق أهدافها الدنيا في حدود الموجة IV للمؤشر من خلال الموجة من المثلث ، مع المحافظة على نسبة 61,8 % فيبوناتشي من الموجة (I) عند نهاية الموجة (II) (القاع التقليدي) التي يفترض أن تنتهي عندها الموجة من المثلث . 
  3. إذا وجد المثلث في التصحيحات المركبة فموقعه المثالي هو المرحلة الأخيرة من التصحيح .
  4. لأن المثلث يعتبر نموذج أفقي يعبر غالباً عن إمتداد زمني يسبب حيرة لدى الكثير من المستثمرين في السوق وهذا هو المطلوب لصانع السوق خصوصاً في منطقة من السوق تعتبر مغرية جداً للدخول .
  5. المثلث سيسمح بتكوين قاعدة عريضة من عدة قيعان يتم تبريد التذبذات في آخرها لكي يتم التجميع الإستثماري بهدوء وعلى نار هادئة للموجة الناشئة بعد نهاية هذا الإنهيار ، والتي يفترض أنها الأهم والأطول في تاريخ السوق .
  6. المثلث سوف يساعد صانع السوق على إكمال نماذج كلاسيكية عاكسة للإتجاه على المدى الطويل كنموذج الرأس والكتفين الشهير مثلاً .
  7. لأن ذلك سيسمح لجميع أسهم السوق بتحقيق قيعانها بشكل متعاقب وفي أوقات متباينة نتيجة لكثرة التذبذبات داخل المثلث .
  8. القيعان و و مع كثرة التذبذبات داخل المثلث سوف تعطي صانع السوق مرونة أكبر للتفاعل مع المتغيرات الخارجية والمعطيات الداخلية والتحديثات المحتملة في هيكل السوق .



ملاحظات

  • جميع الجمل الموضوعة داخل علامات التنصيص هي إقتباسات من كلام روبرت بريكتر .
  • البيانات المستخدمة هنا هي خليط من المؤشر الحر مع تاسي مع البيانات  (1985-1994) مع بيانات تخيلية مفترضة ، وهذا بالتأكيد سينتج لنا نسبة من الخطأ في دقة تحديد الأرقام والأهداف خصوصاً على المدى الطويل ، ولكن الجود من الموجود ، وبحول الله وقوته ستكون نسبة الخطأ محدودة ومقبولة .
  • الحديث في ثنايا الموضوع عن إنهيار فبراير هو حديث بلغة الموجات ، وعدم ذكر حقائق مهمة (مثل أن بعض الأسهم ظل يتراجع لفترات طويلة مع كميات مهولة معروضة على النسب الدنيا مما وقف حائلاً دون بيع الاسهم لمن أردا الخروج من السوق) لا يعني تجاهلها ، ولكن لم يتم ذكرها لعدم خروج الموضوع عن سياقه الموجي . 
  • الأرقام الموجودة في الرسم التوضيحي التخيُلي قد لا تعبر بدقة عن تفاصيل الموجة W ، ولكنها وضعت بهذه الصورة لتبسيط الموضوع فقط ، ولا أعتقد أنه يوجد خلاف كونها متعرجة (أو من عائلتها) ، بغض النظر عن تفاصيل الموجة الداخلية .
  • لا يجب الخلط بين المؤشر و الأسهم ، فمجموعة محددة من الأسهم القيادية يفترض أنها من سيحمل عبء المؤشر وبالطبع من المؤكد أنها سوف تتأثر بشكل بليغ معه ، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا هو الحال مع سهمك الذي تتداول فيه ، والذي قد يكون يعيش حالة إيجابية جداً من الناحية الموجية .
  • برغم أن هذا السيناريو المستقبلي يبدو مرعباً ، إلا أنه (في حال صحته) يحمل في ثناياه تفاؤلاً كبيراً بمستقبل السوق ، ويجب النظر إلى السوق كفرصة نادرة جداً (مضاربياً أو إستثمارياً) للشراء خلال الموجة y أو في نهايتها .
  • في التنبؤ بالمستقبل ، حاولت بقدر المستطاع أن أبتعد عن لعبة الإحتمالات ، وعرضت وجهة نظري الموجية المبنية على الأسباب الموضحة في الموضوع ، ولكن هذا لا يعني أبداً التجاهل الكامل لبقية الإحتمالات ، خصوصاً الإيجابية منها .


الخاتمة


في ختام الموضوع يجب التنويه على أنه بالرغم من أن هذه المقاربة (موجية بحتة) ، ولكنها لا تتجاهل الأمور الأساسية والمالية والسياسية ...الخ ، ولكنها تستبقها بخطوة . وكما يعلم الجميع فالمستثمرون مهتمين بالمستقبل أكثر من أي شي آخر .

لا تغفل أخي القارئ عن أن علم الغيب والحقائق المطلقة لا يعلمها إلا الله ، فهذه المقاربة بنيت وفقاً لقواعد النظرية الموجية وإرشاداتها ، وتم نشرها هنا للنقاش وتلاقح الأفكار مع المهتمين بالموجات ، لنخرج في النهاية برؤية واضحة متبلورة عن تاريخ السوق قبل مستقبله ، وأتمنى أن يحالفها التوفيق ، ولكن المستقبل المتوسط والطويل سيكون هو وحده الكفيل بالحكم على مدى صحتها ، وأتمنى أن يرزقني الله وإياكم إصابة الحق والتوفيق والسداد ، ويمتعنا بالصحة والعافية ويمد في أعمارنا لنستمتع بأهم موجات السوق على الإطلاق ، الناشئة من مخاض هذا الإنهيار . 

والله أعلى وأعلم ، والحمد لله رب العالمين .






 




Facebook